كتاب بانوراما معارف كركوك . . كنوز تاريخية في أيدي القراء
دعاة قلة في كل زمان ومكان وأن الحياة أرحام تدفع وارض تبلع
معلم الأجيال ومخضرم الثقافة المربي التركماني الأستاذ الفاضل المرحوم محمد ملا احمد بياتلي في السطور …
الكاتب حسين حسن بك اوغلو
إن اهتمام المثقفين و الكتاب والمؤرخين بتاريخنا العريق قد بدأت بالاضمحلال في هذه الفترة غير إن قراءة التاريخ من قلم عاش صاحبه معظم أوقاته في التدوين والبحث والدراسة حقبة تاريخية طويلة يكون أمرا في غاية الروعة إذا كان هناك من يريد أن يعرف كيف كانت الدراسة وعدد المدارس وعدد الصفوف وطلابها والأساتذة المعلمين والمدرسين وصورهم كل حسب تاريخ تأسيسها وموقعها الجغرافي الموثقة بكتاب (( بانوراما معارف كركوك )) من تأليف شخصية تاريخية وتربوية صاحب قلم لا يضاهه قلم وهو الأستاذ التربوي المرحوم محمد احمد بياتلى وقد اشتهر بين العوام والخواص بلقب محمد الكلدان نسبة إلى مدرسة الكلدان الذي كان معلما فيه ولتميزه عن شخصية تعليمية أخرى في المدرسة نفسها يحمل نفس الاسم لذا لقب بمحمد كلدان .
وكانت حياته حافلة بالكثير من التوثيقات التربوية التابعة لدائرة معارف كركوك آنذاك ويمكن لكتابه الموسوم بانوراما معارف كركوك الذي خطه المؤلف بيده الذي عزم نجله الكبير المهندس صبحي بياتلي على نشر مسودات والده وتقديم نصوص هذه الوثائق خير كتاب يؤلف في سرد التوثيقات التربوية تضم أسماء المدارس وتاريخ بنائها وعدد طلابها وانتقالات المعلمين والمدرسين طيلة فترة 1918 ، 1970 وهي فترة عهود الاحتلال والانتداب البريطانيين والحكم الملكي والجمهوري
ولكن لم يحالفه الحظ بإكمال المشوار وذلك لمرضه وعلى أثره توفي عام 1972 في مدينة كركوك ودفن فيها وكان برحيله قد فقدنا علما من أعلام التدريس والبحث والتأليف وكان المؤلف حاد الذكاء وسريع الحافظة تواقا إلى اكتساب المزيد من المعلومات لتوثيقه وحفظه في سجلاته الخاصة وكان يتصف بولعه الشديد بالبحث والتأليف والهدف منه هو إبراز الهوية المتميزة الفاعلة للشخصية التركمانية مع التركيز على أثارها وبصماتها عبر مراحلها التاريخية والجغرافية والتربوية في العراق وكانوا ينذرون أنفسهم في سبيل خدمة الشعب والوطن ولوظيفتهم والثقافة العامة وتنويرا لأفكار الأجيال اللاحقة لأبناء شعبنا التركماني كانوا يجندون طاقتهم العقلية والإبداعية والشعورية لترصين مبادئ الحياة التربوية والإنسانية ويعملون من اجل أن يكونوا عبر التاريخ شموعا وأنوارا على الدرب الطويل ألا أنهم يفطرون على سلامة الإيمان بالمبادئ الوطنية والقومية
وهم كانوا مختارون بفعل غير إرادي لأداء مهماتهم في الميادين المختلفة والأستاذ الراحل محمد احمد بياتلى نموذج حي من هذه الطبقة منفتحا على أفاق العلم والدراسة والتاريخ وتوثيق المعلومات التي وردت في كتابه لربما إن إدارة مديرية التربية بكركوك وأرشيفها الخاص لا تمتلك مثلها لان مدينة كركوك قد تعرضت إلى انتهاكات وسرقة سجلاتها وأرشيفها وعصفت بها ظروف سياسية عصيبة أتلفت كل شيء ، وفي مسك الختام لابد لي وان أقدم شيئا موجزا عن حياة المؤلف لقرائي الأعزاء ..
ولد المرحوم الأستاذ الراحل محمد بياتلى في محلة المصلى بكركوك عام 1900م ، أكمل تعليمه في المدرسة السلطانية وكانت هذه المدرسة تعادل المدارس الثانوية الحالية وفي عام 1922م تم تعيينه بعنوان معلم في مدرسة الظفر الابتدائية للبنين وهي أول مدرسة تشكلت في كركوك وفي عام 1923م انتقل إلى مدرسة الكلدان الأميرية ( الطاهرة ) للبنين التي كانت تقع في قلعة كركوك وفي عام 1924م انتقل إلى اربيل ثم بعدها جال وصال بين مدارس كفري والتون كوبري وشقلاوة وفي عام 1938م انتهى به المطاف وانتقل إلى مركز لواء كركوك واختتم مشواره التعليمي في أروقة مديرية المعارف كركوك التربية الحالية و لغاية عام 1963م حيث أحيل على التقاعد بناء على طلبه بسبب مرضه ووافاه الأجل عام 1972م في مدينة كركوك ودفن فيها اللهم اسكنه في جنات النعيم …