حكاية من الواقع ​سياسة ديمقراطية المطرقة وديمقراطية السندان نورالدين موصللو

   بعد 2003 وإنهيار النظام الشمولي الدكتاتوري عاش العراق وشعبه فوضى سياسة سلوكيات الديمقراطية بأشكالها كانت المحاصصة التوافقية العنوان البارز لها ، أخر تلكم الفوضى الديمقراطية كانت بعد إنتخابات تشرين الأول 2021 لتنقشع غمامة الأزمة السياسية وينفرج الإنسداد الديمقراطي بإنتخاب رئيس الجمهورية لأعلان الكابينة الوزارية بغيث المحاصصة بعد سنة مضت من عُقم سياسي    كانت فوضى  خلافات التناحر أقسى عقوبة تلقتها  الديمقراطية  .

هذه الإنتقالة السريعة من الدكتاتورية الى ديمقراطية غزو التحالف الأمريكي  وما بينهما وضعت البلاد والعباد في فجوة تيه وضياع دامت حوالي عقدين من الزمن والعيون ترقب ما ستؤول عليها الأوضاع بعد تشكيل الكابينة الوزارية القادمة ، وهل ينعم العراق بالديمقراطية الخالية من الفساد المشرعن يخلع ثوب الأزمات المتراكمة يتنعم أبنائه بخيرات البلد في ظل سياسة وطنية رشيدة ضامنة للسلم المجتمعي على أسس سياسة داخلية وخارجية صحية . . .؟؟ لا ديمقراطية فوضى سياسية تُثقل كاهل المواطن بالحرمان من أبسط حقوق مقومات الحياة اليومية ولا دكتاتورية بأسم الديمقراطية تكمم الأفواه وتحصد أرواح الشعب ، ديمقراطية تحترم حق الناخب في التصويت وحريته في التعبيرعن إرادته في فضاء واسع ليس بالإحتجاج والإعتصام ولا بحصر آهاته ومعاناته بين أضلاع صدره او في مكان مغلق ينفرد بين جدران أربعة يصب جام غضبه يخفف عن كاهله بالكتابة على الباب و الجدار من داخل . . . . . كما في هذه الحكاية . . . .

في عصر يوم من أيام ما قبل 2003 بسنوات وبعد صلاة العصربينما نحن عدد من المصلين في باحة المسجد نتجاذب أطراف الحديث مع إمام وخطيب الجامع توجه إلينا شخص لم نألفه بيننا سابقا ، تقدم إلينا بإبتسامة مصطنعة بالتحية والسلام دون أن يُعرف نفسه ( تبين فيما بعد ومن خلال الحديث معه أنه من رجال أمن السلطة ) رحبنا به بأحسن رد السلام ، ثم ….  بادر الرجل مستفهما… منْ المسؤول عن المسجد .. ؟ .

أجابه اكبرنا سنا …. ليس للمسجد مسؤول ، بل إمام وخطيب ومؤذن ثم أشار الى الشيخ هذا هو إمام وخطيب المسجد .

 قال الرجل متوجها للإمام … يعني حضرتك المسؤول ..؟

قال الإمام .. كما تريد. 

  سأله الرجل … سيدي هناك في جدران المرافق الصحية كتابات غير لائقة ولا مستساغة ….. قاطعه الإمام …. ماذا تقصد بكلامك هذا .. ؟ .

 قال الرجل …. أقصد كتابات ضد الحكومة ومناوئة لها ..

 قال الإمام سوف نعمل على ازالتها …

 شكرا شيخنا … قال الرجل ثم أردف .. أرجو عدم تكرارها لاحقا .

رد الإمام … وكيف ذلك . . ؟ نحن ليس بإستطاعتنا مراقبة الناس وخصوصا في المرافق الصحية ولا نستطيع وضع حراس يتابعون الداخلين والخارجين منها ، او نجردهم من ادوات الكتابة .

قال الرجل … لا … لا .. أنا لا اقصد ذلك ، ما اريده هو متابعة او مراقبة الجدران وإزالة ما عليها من الكتابات باستمرار وعدم تركها هكذا دون رقيب .

رد الإمام …. إذن يجب تعين موظف يقوم بهذا المهام ، وهذه الوظيفة لا توجد في ملاكات وزارة الاوقاف .

 قبل أن يهم الرجل بالمغادرة أفصح قائلا …. إذن سوف أقوم بنفسي متابعة الموضوع وكلما سنحت لي الفرصة منعا لتزايد الكتابات المغرضة ضد الحكومة والمناوئة لها ، تركنا رجل الإمن وغادر المسجد .

توجه الشيخ بالحديث معنا باسلوب المداعبة والهزل في الظاهر والمبطن بالسخرية والتهكم والنقد اللاذع . . .قائلا ….

يبدو أن المرافق الصحية أفضل مكان للحرية وممارسة الديمقراطية والتعبيرعنها بشكل مطلق فدعوا الناس تمارسها بالشكل والطريقة المسموح بها وليس قسرا .

فلا ديمقراطية مطرقة ولا ديمقراطية سندان فكلاهما تفتقر الى العدل والمساواة وإحترام إرادة الشعب لا يجني منهما المواطن  معاني الخير ينتفع  منها  تفضي الى الرفاهية والعيش الرغيد وراحة البال أسوة بعباد بلاد كانت بالكاد تقوى على العيش .  

12 تشرين الأول 2022