مشاعر ومواقف التركمان في سوريا والعراق خلال فترة احتلال قرة باغ وما بعد التحرير
بقلم جاسم محرم اوغلو
بغداد 11 /11 /2022
كاتب ومحلل وباحث سياسي
قبل ان أتعمق في تفاصيل مواقف ومشاعر تركمان سوريا والعراق تجاه القضية القومية للعالم التركي قضية إقليم قرة باغ، لابد لي أن أتحدث عن بعض المعلومات المهمة عن قرة باغ وأهميتها السياسية والاقتصادية لأذربيجان واتراك العالم.
قرة باغ ، هي منطقة أذربيجانية جبلية تقع غرب أذربيجان على الحدود الارمينية وتشتهر بجمال طبيعتها ووفرة مياهها وانهارها وبساتينها ، وتمتاز قرة باغ بموقعها الأستراتيجي كونها الشريان اوحلقة وصل وجسر يربط الشقيقة تركيا بأذربيجان .
لهذا السبب المهم هناك قوى عالمية وأقليمية تحاول بشتى الطرق قطع هذا الشريان والجسر من خلال دعم أرمينيا عسكريا وسياسيا بهدف إبقاء احتلالها لقرة باغ لتبقى أذربيجان ضعيفة منفصلة تماما عن شقيقتها تركيا .
تقدر مساحة قرة باغ حوالي (4400) كم أي نصف مساحة لبنان تقريبا، تضم قرة باغ اهم معلم من معالم أذربيجان الا وهي مدينة شوشا التاريخية وهي موطن ومصنع الشعراء والكتاب والأدباء في أذربيجان ولها رمزية ثقافية كبيرة وتعتبر مهد الموسيقى والفن الاذربيجاني عبر التاريخ ، لذلك قرة باغ ظلت في مخيلة المبدعين والادباء والموسيقيين الاذربيجانيين واتراك العراق وسوريا والعالم بشكل يستلهمون منها اجمل أعمالهم الفنية .
حيث رفدوا هذه القضية بأعظم القصائد والاناشيد واللوحات الفنية والمقالات وإقامة الندوات للتعريف بها ، ظلت قرة باغ راسخة في ذاكرة كل أذربيجاني وتركماني ولم تغادره الى يومنا هذا.
في عام 1991 بدأ المحتل الأرميني يكشر عن أنيابه ليشن هجوما ظالما بدعم القوى الأجنبية والإقليمية المعادية لأذربيجان والأمة التركية معلنة حربها على أذربيجان سنة 1991 .
مع اشتعال سعير الحرب أعلنت أرمينيا احتلال مدينة خان كندي ثم مدينة خوجالي ، وما ادراك ما خوجالي في هذا اليوم 26 شباط 1992 كان لشعب خوجالي موعد مع المجزرة البشعة قام المحتل الارميني بقتل اكثر من (613) مدني بينهم أطفال ونساء وشيوخ بدم بارد اعلن احد الشعراء الارمن المشاركين في المجزرة عن قيام الجنود الأرمن بقتل النساء الحوامل واحتساء دم أطفال اذربيجان.
هذا الحدث كان له وقع كبير في نفوس المواطن الاذربيجاني و التركماني في العراق وسوريا والعالم التركي كان يوما حزينا على الجميع عبر التركمان عن حزنهم الشديد من خلال تنظيم القصائد الشعرية وكتابة المقالات الصحفية والاعمال الدرامية .
من بين الشعراء التركمان التركمان الذين انشدوا لقرة باغ الشاعر القدير مقداد حودي اوغلو بقصيدته(Kalk Ayağa şanlı Türküm) أنهض أيها التركي العظيم ، والشاعر المرحوم حسن ينار داغ والشاعر والشاعر فوزي اكرم ترزي اوغلو والشاعر رضا جولاق اوغلو وكثيرون .
ظل التركمان يعيشون كل يوم مشاعر الحزن والالم من بعيد منتظرين اليوم الذي يجلب البشرى لهم وللامة التركية اعلان تحرير قرة باغ بفارغ الصبر كل سنة يستذكرون الشهداء الأبرياء الذين سقطوا دفاعا عن قرة باغ ، لكن يوم النصر لم يكن مستحيلا بالرغم من طول الانتظار ( 28) عاما في كل عام وفي كل يوم يتجدد الألم وتجدد الدموع حزنا على قرة باغ وأهلها ، في كل ذكرى في كل مناسبة كان التركمان يتقاسمون الألم مع إخوانهم الاذربيجانيون معبرين عن تفاعلهم و بشكل كبير ومؤثر مع احداث قرة باغ ، حتى جاء يوم الحساب يوم تدفع أرمينيا الظالمة فيها جزاء ما قامت بها قواتها تجاه أشقائنا وأبناء عمومتنا الاذربيجانيين الذين تركوا أوطانهم ومنازلهم ومزارعهم بدموع والم وحسرة.
بعد اعلان الرئيس الهام علييف بالرد على القوات الأرمينية بقوة، استنفر تركمان سوريا معلنين تضامنهم واستعدادهم للتطوع في صفوف القوات الأذربيجانية لمقاتلة القوات الارمينية المحتلة ، كذلك تركمان العراق اعلن مجموعة من الشباب المقاتلين التركمان عن حماستهم و تضامنهم واستعدادهم للقتال في قرة باغ .
هذه المواقف ليست عبثية بل هو التعبير الطبيعي لمواقف الامة الواحدة والشعب الواحد رغم الحدود الوهمية التي فرقتهم.
بعد تحرير قرة باغ من المحتل الأرميني عبر تركمان العراق وسوريا عن فرحهم محتفلين بالنصر ، تحول مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر والانستغرام والتيكتوك الى كرنفال للعلم الاذربيجاني وصور القوات الأذربيجانية ، أنها مشاعر التعبير عن الفرح بالنصر العظيم.
هذه المواقف واجبة لأننا أمة واحدة لا بل تربطنا صلة قرابة ، تركمان العراق وسوريا هم من قبائل وعشائر وأسر اذربيجانية واحدة لكن الحدود التي رسمتها أعداء امتنا وفرضت الثقافات واللغات الدخيلة علينا ظنا منهم انهم سيبعدوننا عن أشقائنا بأوهامهم ، لكن حمدا لله لم ينجحوا ولم يفلحوا عندما انتفضت قرة باغ انتفض معها كركوك والموصل وحلب وتلعفر وعزاز وطوزخورماتو وتازة وحمص وحماه والرشيدية وقرة قوينلو .
هذه المواقف والمشاعر أكدت بأن التركمان في العراق وسوريا هم جزء من شعب أذربيجان وهم احفاد أوغوز خان أجداد التركمان الاذريون اسسوا اقوى الامبراطوريات والدول منها الدولة السلجوقية والقرة قوينلية والاق قوينلية والصفوية من الطبيعي ان تلتحم المواقف والمشاعرمع شعب أذربيجان في محنتها ويفرح ويحتفل التركمان بنصرها العظيم .
مبروك لأذربيجان مبروك للرئيس الهام علييف مبروك للأمة التركية هذا النصر العظيم .