أخبار عاجلة
الرئيسية //// الأخبار السياسية //// ومن بعدي الطوفان بقلم: محمد هاشم الصالحي

ومن بعدي الطوفان بقلم: محمد هاشم الصالحي

Warning: Undefined array key "tie_hide_meta" in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/meta-post.php on line 3 Warning: Trying to access array offset on value of type null in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/meta-post.php on line 3

.
بعد أن أفل نجم البعث في العراق وسقط النظام في 9 نيسان 2003 خرجنا إلى الشارع لنتنفس الصعداء. كنت أنا من الحالمين أو قد أكون أكثرهم أملاً في الولوج إلى الحياة الكريمة الرغيدة المرفهة والتي تنتظرنا حتماً بعد التحرير. كنا جميعاً (وأنا في المقدمة) نتصور أن حقوقنا ستأتي إلى أبوابنا كاملة دون نقصان لنأخذها دون كد. كنت بالبلادة التي جعلتني أتصور بأننا سنكون في مصافي الدول الديمقراطية المتطورة إن لم نكن بأحسن منها وأننا سوف نعوض كل ما فات. ستكون لدينا هواتف نقالة وأجهزة ستلايت كما لدى العالم بأسره وسنكون على محك مع التطورات مثل التي تشهدها الإمارات ودول الخليج وغيرها.
استتب الوضع في المدينة وخرجنا إلى الشارع لنشاهد مناظر لم نكن قد تعودنا عليها من قبل. المشهد الأول الذي شاهدته وما زال عالقاً في مخيلتي هو تجمع المئات من الأشخاص ومن كل صوب ونحو في محطة التعبئة بجانب بلدية كركوك. الكل يحاول تشغيل المضخات للحصول على شيء من البنزين. احضروا المولدات لتزويد المحطة بالكهرباء وما أن عملت المضخات شيئاً حتى تقاتل المجتمعون للحصول على خرطوم البنزين لتعبئة القناني الفارغة التي يحملونها. مشهد مريب وتقاتل عجيب بين هؤلاء والذي يوحي بشيء من اندثار الحلم وتبدد فرحة التحرير. هذا الأمر استمر إلى أمد بعيد جداً حتى بلغ سنين طوال.
تشكلت الإدارة في مدينة كركوك وبدأت الرواتب العالية تنهمر على رؤوس السادة المبشرين بالامتيازات. لا بد أنهم سيجدون حلاً لهذه المعضلة وأنهم سيعملون على تخفيف أزمة البنزين في المدينة. وجاء الحل بعد حين بقرار مهم لمجلس محافظة كركوك بهذا الصدد.
القرار المنتظر نصّ على تخصيص محطة البنزين التي بالقرب من بلدية كركوك للسادة المسؤولين أصحاب الريادة فقط. يتزودون منها بالبنزين هم ومرافقيهم وأقربائهم ومعارفهم وكل من لف لفهم. محطة كاملة أصبحت في خدمة السادة أصحاب السيادة والمعالي من المتربعين على عرش السلطة في المدينة والمتحكمين بزمام الأمور وليس للمواطنين الاقتراب منها. وإن بلغ السيل الزبى فلا يبالي المسؤول، فهو في مأمن من كل الأزمات التي تشهدها المدينة والتي يعاني منها الموطن المسكين. طوابير طويلة تمتد إلى عدة كيلومترات يقف بها المغلوبون على أمرهم للحصول على 40 لتراً من البنزين، والسادة يتمتعون بمحطة خاصة يتزودون منها متى ما يشاؤون وكيفما يشاؤون دون اكتراث. هكذا جاء الحل الذي أنقذ المسؤول وحمّل المواطن أعباءً كثيرة.

هكذا هو الحال في العراق حتى يومنا هذا . فكيف يحس المسؤول بمأساة المواطن الذي يقف في طوابير البنزين لنهار كامل إذا كان البنزين حصته من البنزين مؤمناً مسبقاً؟ كيف يدرك المسؤول معاناة المواطن الجالس في بيته وفي درجة حرارة تتجاوز 50 درجة دون كهرباء إذا كان هو ينعم بنعيم المنطقة الخضراء؟ كيف له أن يعي ما أصاب المواطن المسكين من أسى وأمام بيته مولدة ضخمة تكفي لتشغيل معمل سمنت متكامل؟ كيف للمسؤول أن يحس بمعاناة الأبوين لتدني مستوى التعليم ومصيبة الامتحانات الوزارية والأسئلة الخارجية التي ما أنزل الله بها من سلطان ومصاريف الدراسة الأهلية وهو قد أمّن مستقبل أبنائه بمنح دراسية في أرقى الجامعات وفي إحدى الدّول؟
نحن نعيش على مبدأ (أنا ومن بعدي الطوفان).

Warning: Undefined array key "tie_hide_author" in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/single.php on line 92 Warning: Trying to access array offset on value of type null in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/single.php on line 92

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: