احياء وأزقة قلعة أربيل التركمانية /- بقلم عباس احمد

إذا كنت تبحث عن الحقيقة فاسأل أهل الدار ومن ثم أهل الاختصاص ولا تبال لان الحجر والصخر والأزقة تصرخ بالحقيقة لمن يريدها او لا يريدها وها هو الأستاذ شيرزاد شيخ محمد في موقع موسوعة تركمان العراق معززا بالمصادر الموثوقة عراقة وأصالة المحلات القديمة في اربيل حيث يمضي مسترسلا بالقول ان الأحياء القديمة في مدينة اربيل الحديثة تقع فوق تل اثري واسع وارتفاعه حوالي 150 قدما (1) .
قديما كانت تقع في القلعة المؤسسات الحكومية ودوائر الدولة والمدارس إلا انه بعد زوال الحكم الملكي في العراق أخذت هذه الدوائر تنتقل تدريجيا الى أسفل القلعة وخارجها, وان للقلعة بابين قديمين وهناك باب ثالث حديث نوعا ما تم افتتاحه في بداية القرن الماضي ويطلق عليه تركمان اربيل (احمدية قا بسي) (2), اما الباب الرئيسي الذي يقع في الجهة الجنوبية المواجهة للقيصرية كان قديما برجاً عظيماً و منظره يوحي بأنه كان حصنا منيعا قديما, كان في امتداد هذا الباب الى داخل القلعة سراي الحكومة ومدرسة ومستوصف ودار العجزة (3), الا انه هدم قبل أكثر من 42 سنة .
اما الباب القديم الأخر فيقع في الجهة الشرقية, وفي عام 1979 تم تشييد الباب الجنوبي الجديد الذي صمم من قبل المكتب الاستشاري العراقي والذي حل محل الباب الجنوبي القديم المشيد عام 1860 م وهدم عام 1960 م (4) .
والجدير بالذكر ان الباب الحالي لا علاقة له بالباب الرئيسي القديم في كل أدواره التاريخية إنما فرض من قبل الحكومة البائدة لمحو تاريخ القلعة القديم ولإضفاء الطابع الأشوري على القلعة باعتبار حضارتها مرتبطة بحضارة الأشوريين والاحتفاظ بهذا الطابع يعني ضياع الحقيقة التاريخية لباب القلعة القديم (5), وقلعة اربيل تتكون من ثلاثة أحياء سكنية صغيرة تعتبر هذه الأحياء الثلاثة أقدم الأحياء في القلعة و هي:

1- حي السراي: الحي الأول يسمى سراي , اطلق عليه السراي لان دوائر الدولة في العهد العثماني وبداية تأسيس الدولة العراقية (القائمقامية)والمحاكم والمدارس ومعظم الدوائر الرسمية الأخرى كانت قائمة هناك, ويذكر ان مبنى السراي كان قديما عند البوابة الرئيسية الجنوبية وكان الحي عبارة عن أزقة ضيقة (كوجه) ويقع في هذا الحي زقاق الأغوات كان يسكن فيه وجهاء وأشراف وأغوات اربيل ويقع فيه ايضا مسجد ومدرسة الحاج إبراهيم أفندي دوغرامجي وتكية شيخ زادة وهي أقدم التكايا القادرية في اربيل,ويعود تاريخ إنشائها الى العهد الاتابكي كما توجد في هذا الحي دار وديوان الحاج ويسي أغا (جد الوجيه الاربيلي التركماني الشهير عطاول اغا والد الشاعرة التركمانية الشهيرة نسرين اربيل ),وديوان رشيد اغا ودار الشيخ جميل افندي والحاج قاسم افندي والحاج عبد القادر جلبي وشهاب جلبي ومحمود جلبي وأخيه احمد جلبي (جد الشخصية التركمانية الشهير الأستاذ سنان جلبي ) ومسكن شيخو اغا كما وتوجد دار وديوان الوجيه الاربيللي الأصيل علي باشا دوغرامجي والد الشخصية التركمانية العالمية البروفيسور الدكتور إحسان دوغراماجي ودار الشاعر التركماني الكبير عبد الرزاق اغا وابنه بيربال اغا وغيرهم من وجهاء اربيل , يذكر ان عدد الدور السكنية في حي السراي هو 199 دارا ويبلغ عدد نفوسه 1779 نسمة وان أعلى نسبة للدور السكنية في القلعة كانت تقع في هذا الحي (6 ).

2- حي التكية:
هذا الحي يقع في الجهة الشمالية الغربية من القلعة وثمة اراء عدة حول تسميته بهذا الاسم فهناك من يقول سمي بالتكية لكون تكية الشيخ إبراهيم الكيلاني تقع في هذا الحي على رأي الدكتور عبد الله حداد وهو احتمال بعيد لأنه لا توجد اية معلومات عن المرحلة التي عاش فيها الشيخ الكيلاني في حين ان هذه التسمية حديثة على الأرجح.
ان حي التكية عرف بهذا الاسم لوجود تكية الشيخ عبد الله أل المؤذن المتوفي سنة 1839 م في هذا الحي وقد اندثرت اثار بناية هذه التكية القديمة بعد شق وتبليط الشارع الذي يربط البوابة الجنوبية بالبواية الشمالية (احمدية قابسى ) (7).
وأقدم الآثار الدينية في هذا الحي الجامع الكبير في القلعة او كما يطلق عليه التركمان بـملا افندي جامعى وحمام القلعة كما ويقع في هذا الحي (دار بروغ) أي الزقاق الضيق سمى بهذا الاسم لضيق طريق هذا الزقاق وزقاق الإمام (إمام كو جسى), سمى بهذا الاسم لوقوع ضريح الشيخ الكيلاني فيه ,وزقاق (يدى قزلار ) زقاق الفتيات السبعة وزقاق الخرابة (خرابا كو جه سى) سمى بهذا الاسم لوجود موقع لأبنية مهدمة فيها موضع لجمع النفايات كما كانت في هذه المحلة العديد من المدارس الدينية الصغيرة كمدرسة ومسجد ملا رسول افندي (7), واشهر الدور السكنية في هذا الحي دار قاسم اغا تعود ملكيتها الى المرحوم العلامة ملا رشاد المفتي كما وتقع في هذا الحي دور عائلة اليعقوبي والقارئ الكبير سيد مردان كركوكلى والحاج الياس افندي الحاج خضر ومحمد سلطان ترزي واحمد افندي وعثمان افندي وملا عبد الكريم قهو ه جى والسيد يحيى السيد قادر وتكية ودار الحاج ملا خضر (حجى بابا) والد الشيخ عبد الكريم تلعفرلى ودار ياسين الله ويردى وجرجيس طوبال وعثمان قادر جلبي ومحمد رجب حلوجى واحمد صوفو حمامجى وملا عثمان قوتوجو وسيد كريم د ه مرجى والحاج قاسم توتونجو وغيرهم من الناس يذكر ان عدد الدور السكنية في محلة التكية هو 138 دارا (😎 وكان يبلغ عدد نفوسه في إحصاء عام 1977 بـ(1142) نسمة.

3- حي الطوبخانة : يقع هذا الحي في الجهة الشمالية الغربية من القلعة , اكتسب هذا الاسم لوجود مدفع (طوب) نصب فيه في زمن العثمانيين وكان يطلق الطلقات عند آذان المغرب وعند الإمساك طوال أيام شهر رمضان المبارك من كل عام ويوجد في هذا الحي (حرم كو جه سى) اي زقاق الحرم و(كليسة كو جه سى ) زقاق الكنيسة وسمى بهذا الاسم لوجود الكنيسة القديمة كما ويوجد في هذا الحي مسجد اسعد افندي ومسجد كور عمر اغا وتكية الحاج ملا صالح يكن (يكن تكه سى ) ومزار قرخلار ومقال حبيبي النجار وبيعة اليهود (يهود لار كليسه سى) كما ويوجد في هذا الحي دار وديوان محمد اغا وعمر اغا جاوشلى ودور العوام منهم دار الحاج حسن هيدوش وحسين اغا وشيخو اغا ومعروف الحاج كا رسول وداود اغا (قصاب باش) وممد طورجى ومحمد امين سلطان اغا وعبد الكريم افندي وعبد الرزاق افندي وعلي خمجى وشكر بربر وغيرهم ويبلغ عدد نفوس محلة طو بخانة قبل تهجير اهاليها في عام 1984 (1613) نسمة وعدد الدور السكنية 165 دارا (10).
الهوامش والمصادر:
1- القلعة هي ذات شكل شبه دائري ارتفاعها حوالي 41.5 م عن مستوى سطح البحر وحوالي 36 م عن سطح المدينة وتشكل مساحة مقدارها 103.9 الف متر مربع.
2-يذكر ان المرحوم احمد افندي ابن عم العلامة ملا افندي وهو اول متصرف للواء اربيل في بداية تأسيس المملكة العراقية وهو الذي فتح هذا الباب.
3-هاشم خضر الجنابي/ مدينة اربيل دراسة في جغرافية الحضر.
4-عبدالباقي عبدالجبار امين الحيدري / التجديد الحضري لقلعة اربيل.
5- بشير جيجو/ مقالة منشورة في جريدة توركمن ايلى عام 1996.
6- عبدالباقي عبدالجبار امين الحيدري / التجديد الحضري لقلعة اربيل.
7-الدكتور عبدالله حداد/ مجلة كاروان الاكاديمي- موضوع اربيل خلال القرنين الماضيين.
8-وقد هدمت هذه المدرسة في الاربعينيات من القرن الماضي بعد شق الطريق الذي يربط الباب الجنوبي بباب الاحمدي.
9- عبدالباقي عبدالجبار امين الحيدري / التجديد الحضري لقلعة اربيل- مطبعة جامعة الموصل 1985.
10- هاشم خضر الجنابي/ مدينة اربيل دراسة في جغرافية الحضر-مطبعة جامعة الموصل 1988.