أخبار عاجلة
الرئيسية //// المقالات السياسية //// أيوب زينل ملا حسين القصاب ومناضلين في الظل.. بقلم: محمد هاشم الصالحي

أيوب زينل ملا حسين القصاب ومناضلين في الظل.. بقلم: محمد هاشم الصالحي

Warning: Undefined array key "tie_hide_meta" in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/meta-post.php on line 3 Warning: Trying to access array offset on value of type null in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/meta-post.php on line 3

.

بعد أن تمادى النظام في غيه وظلم العباد دون الخشية من رب العباد، انبرى فتية من أبناء هذا البلد في الدفاع عن المظلوم ونصبوا أنفسهم صوتاً معبراً عن كل تلكم المظالم.
كان للتركمان الحصة الأكبر في الغبن والظلم. حيث جهد النظام في صهرهم والنيل من هوتهم الوطنية والقومية. التركمان الذين أحبوا أرض العراق وشاركوا في رسم الحضارة على أرضه، ما زالوا يكنون كل الحب للتربة التي عليها نشأوا ولكل من عاشوا معهم من القوميات والأطياف الأخرى. شباب في ربيع العمر ومقتبل الحياة تركوا الانشغال بترف الدنيا ونعيمها والاستمتاع بأجمل المراحل العمرية ليكونوا جنوداً مجهولين يوصلون صوت الشعب المظلوم. لم تلهييهم تجارتهم ولا دراستهم عن النضال في سبيل اظهار الحق ودحر الظلم وردع الظالمين. فكان لهم أن يذكرهم التأريخ في صفحات من نور ويخلد ذكراهم ويثمن دورهم الريادي والقيادي.
أيوب القصاب أحد هؤلاء الشباب الذي ترك بصمة واضحة لا يمكن تناسيها أو تجاهلها. كان له دوراً كبيراً إلى جانب الشباب من البناء جلدته. لم يتفانى في العطاء فكان سخياً عمل بعد أن وضع الموت نصب عيناه.
إنه أيوب زينل ملا حسين القصاب المولود في منطقة جرد ميدانى بمحلة صارى كهية بكركوك عام 1953. شقيقه الأكبر منه الناشط السياسي التركماني الحاج عابدين تولد 1946 الذي كان محط أنظار الأجهزة الأمنية. بسبب وجهة شقيقه القومية ضايق الحرس القومي العائلة وكان والده قاب قوسين أو ادنى من الاعتقال. ما اضطره إلى درء الخطر عن عائلته وترك المدينة والابتعاد عن الشبهات والاستقرار في العاصمة بغداد عام 1963 واستمر هناك في مهنته قصاباً في محل استأجره هناك.
كان أيوب طالباً في الصف الرابع الابتدائي عندها. وبعد إكماله الدراسة المتوسطة تطوع في الجيش وأكمل تعليمه العسكري في مدارس عسكرية فنية وأصبح فني كهرائي مطوع في الجيش العراقي.
خلال تواجده في بغداد بدأ بالتردد على نادي الاخاء التركماني. وهناك التقى من مجموعة من الشباب التركمان وبدأ بمخالطتهم والتحدث في المضايقات العديدة التي يتعرض لها الشعب التركماني. قويت أواصر العلاقة بينه وبين الشهيد رشدي رشاد الصالحي الذي كان متواجداً في بغداد بحكم مهنته كمعلم في أحد مدارس بغداد في منطقة كسرة وعطش. كان الشهيد رشدي الصالحي القطب الذي يجتمعون حوله وهم يقتبسون منه الأفكار التي من شأنها أن ترشدهم إلى سبيل نيل الحقوق التركمانية. التف هو الآخر حول رشدي الصالحي الذي كان يرفع من روحهم المعنوية.
كان ذلك عام 1979 حيث الشباب التركمان الذين يحملون هم شعبهم في زوبعة الاعدامات والتهجير الذي تطال الأبرياء من المدنيين. ظاهر محمد حبيب وعزالدين جليل وشقيقة الشهيد رشدي الصالحي الأنسة ساجدة الصالحي الذين خصصوا مبالغ نقدية من وارداتهم لغرض تمويل احتياجات العمل السري هذا بهدف إيصال صوت الشعب التركماني وتنبيه الحكومة بأن للتركمان شباب يتصدون لهم ولظلمهم.
كان اسمه الحركي هو (مصطفى). وكان أول عملية يقومون بها هو شراء آلة طابعة. الطابعة هذه كانت مهمة لغرض طبع بعض البيانات التي تخاطب الحكومة والجهات الرسمية من جهة ومن جهة أخرى توجيه الخطاب إلى المدنيين لرص الصفوف والتصدي بروح الجماعة لكل أشكال الظلم الذي يمارسه النظام الفاشي ضدهم. حيث كانت تلك الفترة تشهد حملات اعتقالات واسعة وإعدامات تطال الشخصيات التركمانية لأتفه الأسباب.
المبالغ التي تم جمعها كانت كافية لتأمين آلة الطابعة والتي تولى الكتابة عليها الشهيد رشدي الصالحي. حيث بدأت المجموعة بإستلام هذه البيانات ونثرها في بعض الأحياء التي يقنطها التركمان في بغداد. ومن ثم دعت الحاجة إلى جلب هذه المنشورات إلى مدينة كركوك والقيام بإلقائها سراً في الأزقة والطرقات والبيوت. حيث تم تكليف الشاب ظاهر محمد حبيب رضا بنقل هذه المنشورات إلى مدينة كركوك والذي قام بذلك فعلاً.

نقل الطابعة الى كركوك
طباعة البيانات والمنشورات في بغداد ومن ثم جلبها إلى كركوك كان أمراً فيه الكثير من الخطورة. ما جعل المجموعة مضطرة باتخاذ قرار بنقل الطابعة إلى مدينة كركوك لتسهيل المهمة. لم يكن نقل الطابعة يخلو من المخاطر وعليهم ايجاد طريقة لتجاوز نقاط التفتيش المنتشرة على مد الطريق. تم الاستعانة بسيارة أيوب لنقل الطابعة. حيث وضعت الطابعة في صندوق السيارة وفي طريق كركوك وصلوا إلى نقطة التفتيش المزدحمة بسبب تفتيش السيارات من قبل أفراد السيطرة. كان أيوب يقود السيارة والآنسة ساجدة تجلس في الأمام والشهيد رشدي الصالحي في الخلف. الأمر كان حساساً لهم وهم يقدمون على تفتيش لا محال منهم. عليهم الآن إيجاد مخرج من هذه الكارثة التي ستودي بهم إلى الهاوية في حالة كشف الطابعة.
بقرار آني ومع الاقتراب من رجال الأمن، أوقف أيوب السيارة بحجة ارتفاع حرارة المحرك. توقف السيارة في نقطة التفتيش أدى إلى سخط وامتعاض أصحاب السيارات المنتظرة في الخلف. نزل أيوب من السيارة ورد على الجنود الذين يطالبونه بإزاحة سيارته عن الطريق. بين لهم أيوب أن السيارة لا يمكن تشغيلها ويجب تبريد المحرك. فسمح له أفراد السيطرة بدفعه السيارة إلى الجنب وتبريدها باستخدام الماء الموجود في الخزانات هناك. قاموا بدفع السيارة إلى هناك وبدأوا بسكب المياه على المحرك ومن ثم انطلقوا ذاهبين دون أن يفتشهم أحد. وهكذا نجوا من تهلكة مؤكدة وتمكنوا من انقاذ الطابعة وايصالها إلى مدينة كركوك.

في كركوك
الشباب في كركوك بدأوا بالتجمع والتشاور فيما بينهم لرسم خارطة الطريق لعملهم هنا. إلاّ أن السلطات الأمنية لم تكن في منأى عنهم حتى أحسوا بأنهم تحت الرقابة الأمنية. أفراد الأمن كانوا يتربصون الحركات في منزل الشهيد رشدي الصالحي. حتى أن شقيق الشهيد رشدي الصالحي وهو أرشد الصالحي قام بحلاقة شعره نمرة صفر لتلافي التعذيب عن طريق مسك شعره.
يقول أيوب زينل أن الأمر كان مخيفاً جداً، حيث أن المعلومات تشير إلى أن الأجهزة الأمنية قد كشفت أمرهم وتم تطويق منزل رشدي الصالحي في كركوك. انسحب رشدي الصالحي إلى بغداد ومن ثم طلب من أيوب الرجوع إلى مكانه في بغداد. عاد أيوب إلى بغداد والتقى مع رشدي الصالحي والذي أعلمه بأن شقيقه أرشد الصالحي قد تم إلقاء القبض عليه. كان رشدي معلماً في بغداد وكان عليه أن يلتحق بمدرسته، حيث قام أيوب بإيصاله إلى المدرسة. طلب منه رشدي أن يتركه في رأس الزقاق المؤدي إلى المدرسة وقد فعل أيوب ذلك فعلاً. بعدها سمع أيوب أن الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على رشدي الصالحي بعد أن ترجل من السيارة وقد تم اقتياده من أمام المدرسة التي يعمل فيها.
الآنسة ساجدة شقيقة الشهيد رشدي الصالحي طلبت من أيوب أن يترك العاصمة بغداد حتى يتبين موقف الأجهزة الأمنية منه. سافر أيوب إلى البصرة وبقي هناك لدى أحد معارفه المقيمين في البصرة. اتصل بالأهل والأصدقاء بعد ثلاثة أيام وقد أخبروه أن لا خطر عليه. رجع من البصرة ووصل إلى كركوك واطمئن أن اسمه غير موجود ضمن لائحة الأسماء المطلوبة. رجع إلى بغداد وقام بتغيير محل سكنه ورجع إلى عمله دون أن يحس به أحد. بعدها تم الحكم على شقيقه عابدين بالإعدام والذي تمكن من الفرار والنفاذ بجلده إلى خانقين ومن هناك إلى إيران والخلاص من موت مؤكد.
هكذا انتهى الأمر بعد أن تم إعدام الشهيد رشدي رشاد الصالحي والشهيد عزالدين جليل وغيرهم. كما تم الحكم على كوكبة من الشباب بأحكام متفاوتة بلغت أكثرها بالحبس المؤبد. واستمر أيوب زينل ملا حسين بالحياة العملية دون أن يبدي شيئاً من الذي حصل وأكمل مسيرة حياته بعد أن فقد أقرب المقربين إليه من أصدقائه ورفاق دربه.
بعد عام 2003 تعرض محل عمله إلى أعمال النهب والسلب بعد أن عمت الفوضى العاصمة بغداد والعراق عامة. اضطر إلى ترك العراق والاستقرار في تركيا وفي مدينة اسطنبول تحديداً. له من الأولاد 5 ومن البنات 3

12/3/2022

Warning: Undefined array key "tie_hide_author" in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/single.php on line 92 Warning: Trying to access array offset on value of type null in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/single.php on line 92

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: