الشهادات التقديرية حين تفقد بوصلتها ……… جمهور كركوكلي
Warning: Undefined array key "tie_hide_meta" in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/meta-post.php on line 3
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /customers/d/7/f/afkarhura.com/httpd.www/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/meta-post.php on line 3
كانَ جارٌ لنا في قلعة كركوك ، تخطّىٰ الستينَ من العمر ، يحتفظ بنوطٍ نحاسي نالهُ بعد مشاركته في درء خطر فيضان نهر دجلة الذي حدث في بغداد عام 1954 ، حين كان جندياً يؤدّي خدمة العلم ، وكان شديدَ الاعتزاز بنوطِه النحاسي ، يتولاه بالعنايةِ ويحتفظُ به داخل علبةٍ جميلة ، ويُريه لكل من يزوره في البيت ، ويحسّ بسعادةٍ غامرة كلما تمعّن بتلك القطعة النحاسية التي كانت تحملُ صورةَ جندي ينقذ أمراةً من الغَرق. تذكرتُ جارَنا الطيب الذكر ذاك ،
وانا أرىٰ قبل أيام زميلاً لي نال شهادةً تقديرية في إحدىٰ المناسبات ، وهو يرميها في سلةِ المُهملات عند خروجه من القاعة ِالتي جرىٰ فيها توزيع تلك الشهادة. وقارنتُ بين جارنا الستيني الذي ظلَ يحتفظُ بنوطه طوال عقودٍ من الزمن ، وبين الزميل الذي لم يُعِرْ أدنى اهتمام بشهادته ( الكارتونية ) التي يعرفُ هو قبل غيره ، أنها صارت لا تعني تكريماً حقيقياً ، بل ظاهرةً روتينية ، شاعتْ مؤخراً وبدأتْ بالانتشار السريع في الفعاليات التي تُقيمها المؤسسات الحكومية والمنتديات والمنظمات، وأغلب تلك الشهادات لا يُمنح علىٰ أعتباراتٍ التمّيز والتفرد والأبداع ، بل تشوبهُ المحسوبيات والعلاقات والمنافع الشخصية، حتى باتَ الكثيرُ يُسمي تلك الشهادات، بالشهادات ( التخديرية ) بعدما صارت تُمنح لكلّ مَنْ هبَّ ودبَّ ، دون مُراعاةِ دواعي ومعايير الأستحقاق والافضلية .!
إنّ تكريم المبدع يعني أشعاراَ له بانه موهوب ومتميز ، وأن المجتمع يُكن له الاحترامَ ويعترف بقدرته، وهو أيضاً دافع له ليواصل التقدم الى الامام وينمّي مهاراته ، لخدمةِ المجتمع أكثر واكثر.. وآنّ تغييب دور الموهوب والمُبدع ، وحصر الأهتمام والتكريم بالعناصر المقرّبة وفق أسس المحسوبية والولاء ، هو تكرار لِما كانَ يحدث في السابق من التكريم الحكومي الذي كان في أغلبهِ من نصيبِ المسؤولين الكبار في الدولة ، والوزراء وذويهم والمقرّبين من السلطة ، بعيداً عن مقاييس العدل والانصاف.
إن تكريم مُبدعينا يجب أن يكونَ بمستوى ابداعاتهم ومواهبهم ، وبأساليب ونوعياتٍ تليق بهم ، مادياً ومعنوياً ، وليس بقطع ( الكارتون ) والدروع الرخيصة بانواعها الزجاجية ، والنحاسية ، فانها لا تُسمن ولا تُغني مِن جوع ، وتعّج بها مكتباتُ كركوك واسواقُها ، وتُباع هناك بأبخسِ الاثمان فإنّ كلمةً تشجعية تقولها في وجهِ مُبدع ، وابتسامة رضا تقابلها به ، خيرٌ مِن تلك الشهاداتِ والدروع الف مرة…!
مرتبط